"لقد ارتكبت بالفعل الكثير من الأخطاء الاستثمارية، وبالتأكيد سأرتكب المزيد في المستقبل، ولكن بالنسبة لي كل خطأ أقع فيه يمثل فرصة للتعلم. فأنا أنظر بحرص شديد إلى الأخطاء التي ارتكبتها وأسأل نفسي: لماذا حدث هذا؟ كيف يمكنني تجنب ذلك في المستقبل؟"
 

 

"ومن الأفضل أن أتعلم من أخطاء الآخرين لأنها أرخص بكثير، ولكن في نفس الوقت لا مفر من ارتكابي لأخطائي الخاصة، والتي من المحتمل أن أتعلم منها أكثر من غيرها. ففي مجال الاستثمار من الصعب للغاية تجنب ارتكاب الأخطاء." وردت الكلمات السابقة على لسان المستثمر الهندي الأمريكي الشهير "موهنيش بابراي".
 

الكل بمعنى الكل
 

لا يوجد على وجه الأرض مستثمر لم يرتكب الأخطاء، حتى أنجح المستثمرين الذين يشار إليهم بالبنان كـ"وارن بافيت" و"تشارلي مونجر". بل إن هذا الأخير يقول عن الأول: "أحد أهم أسباب نجاح بافيت هو أنه قاس جداً في تقييم ماضيه. فهو يريد معرفة الأخطاء التي ارتكبها كي يتجنبها في المستقبل".
 

فما يدركه كبار المستثمرين مثل "بافيت" و"مونجر" هو أن ما يفرق المستثمر الماهر عن غيره القدرة على التعلم من الأخطاء. وفي النهاية لا يختلف مجال الاستثمار عن غيره من مجالات الحياة الأخرى التي يتطلب لإتقانها ممارسة وصبر وحرص على التعلم من أخطاء الماضي وقبل ذلك الاعتراف بها أصلاً.
 

هناك مشكلة خطيرة يعاني منها الكثير من المستثمرين وخصوصاً حديثي العهد منهم بسوق الأسهم وهي أنهم يدخلون إلى السوق وفي أذهانهم توقعات كبيرة ومتفائلة حول حجم العائدات التي بإمكانهم تحقيقها، مما يجعلهم غير مؤهلين نفسياً للتعامل مع احتمال الخسارة والذي هو بالمناسبة الاحتمال الأكبر في حالتهم بالنظر إلى ضعف خبرتهم.
 

 

وبمجرد أن يواجه أي من هؤلاء الخسارة لأول مرة يشعر بالصدمة لأنه دخل إلى السوق وفي اعتقاده أنه بإمكانه تحقيق عوائد عالية في غضون أسابيع أو أشهر على الأكثر، ويستبعد تماماً فكرة أنه ربما هناك خطأ ما ارتكبه يحتاج إلى تصحيحه وتجنبه في المستقبل.
 

ولهؤلاء يمكن القول: المستثمرون يرتكبون الأخطاء بصفة دورية، ولكن الاختلاف يكون في مدى تواتر تلك الأخطاء وحجمها وكيفية التعلم منها. ومن المنطقي جداً أن يكون حجم ووتيرة تلك الأخطاء كبيرا في بداية حياتنا الاستثمارية، والمستثمر الذكي هو من يعترف بتلك الأخطاء مهما كانت درجة قسوتها لأن هذا هو سبيله الوحيد لاكتساب أهم أصل يمتلكه أي مستثمر: الخبرة.
 

ارتكبتها في الماضي وسأرتكبها في المستقبل
 

للأخطاء الاستثمارية جانب إيجابي جداً وهو أنها تساعد المستثمر على تحديد قدرته على تحمل المخاطر بدقة أكبر وكذلك اكتشاف الأسلوب الاستثماري المناسب له. بعبارة أخرى، الأخطاء تعلم المستثمر كيفية إدارة رأسماله بطريقة أكثر فاعلية.
 

هناك آلاف المقالات والكتب التي تتحدث حول نجاح "وارن بافيت" وأساليبه الاستثمارية وكيفية الاستثمار بنجاح، ولكن ما نحتاج إليه فعلاً كمستثمرين هي الكتب والمقالات التي تركز على الأخطاء والعثرات التي واجهها أفضل المستثمرين.
 

 

"بافيت" أصبح ما عليه الآن بفضل قراراته الخاطئة قبل تلك الصائبة. بل إن الأخيرة في الحقيقة ربما لم تكن لتحدث لو لم تقع الأولى. وربما يصدم بعضكم حين يعرف أن "بافيت" قاد شركته "بيركشاير هاثاواي" لخسارة 38% من رأسمالها خلال الفترة ما بين يونيو 1998 ومارس من عام 2000 وهي نفس الفترة التي ارتفع خلالها مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 25%.
 

"بافيت" نفسه يقول: "لقد قمت ببعض الاستثمارات الفاشلة، وارتكبت الكثير من الأخطاء في الماضي وسأرتكب المزيد في المستقبل. احرص فقط على ألا تكون أخطاؤك قاتلة. فأنا لم أرتكب بعد الخطأ الأخير في شراء أي من الأسهم أو الشركات. ففي النهاية لا يمضي كل شيء دائماً كما هو مخطط له".
 

"هل يتعلم المستثمرون من أخطائهم؟"
 

في دراسة نشرها كل من "براد بربر" و"تيرانس أويان" في أبريل من عام 2000 تحت عنوان "التداول خطير على ثروتك: أداء المستثمرين الأفراد في الأسهم العامة" أشار الأستاذان بقسم المالية في جامعة كاليفورنيا إلى أن هناك مستثمرين من الأفراد من ذوي الخبرة والمهارة قادرون على التفوق باستمرار على نظرائهم بالسوق وتحقيق عوائد أعلى من المتوسط.
 

السؤال الذي يطرح بإلحاح الآن: إذا كان باستطاعة عدد من المستثمرين الأفراد تحقيق عوائد أعلى من أقرانهم بشكل شبه مستمر فما هو مصدر المهارة التي تمكنهم من تحقيق ذلك؟ ببساطة تشير الكثير من الدراسات الحديثة إلى أن التعلم من الأخطاء يلعب دوراً مهماً جداً في النتائج التي يحققها هؤلاء.
 

"هل يتعلم المستثمرون من أخطائهم؟".. هذا كان عنوان ورقة بحثية شهيرة نشرها ثلاثة باحثون بجامعة "يوهان فولفجانج فون جوته" الألمانية في أغسطس من عام 2012، تم خلالها دراسة الأداء الاستثماري لـ19487 مستثمرا ألمانيا على مدار 8 سنوات.
 

 

وخلصت الدراسة إلى أن اكتساب المستثمرين للخبرة يصاحبه تحسن أدائهم الاستثماري. ولكنها في نفس الوقت أوضحت أن الآلية التي يتم من خلالها ترجمة الخبرة إلى أداء استثماري أفضل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة المستثمر على التعلم من أخطائه.
 

كما كشفت المقارنة التي أجراها الباحثون بين عوائد محافظ أولئك المستثمرين قبل وبعد حساب تكاليف المعاملات  أن الزيادة في عوائد المحفظة مرتبطة بالفعل بقدرة المستثمر على التعلم من ثلاثة أخطاء أساسية هي: الثقة المفرطة و"تأثير تصفية المركز" وقلة التنويع.
 

أخيراً، إن أفضل نصيحة يمكننا تقديمها للمستثمر هي ضرورة الاعتراف بالخطأ والاستفادة منه. ادرس الأخطاء التي تقع فيها أنت وكذلك التي يقع فيها غيرك، وبهدوء اسأل نفسك فيما أخطأت وكيف وقعت في ذلك الخطأ وما الذي يمكنك فعله لتصحيحه وتجنبه في المستقبل.
 

فهكذا نجني الخبرة، فالخبرة لا تأتي إلا بالتجربة وليس من خلال الاستماع إلى المحاضرات وقراءة الكتب. وما دام قررت التجربة فاعلم أنه ليس باستطاعتك أنت ولا أحد غيرك اتخاذ القرارات الصائبة دائماً.

1
1
179

Saudi2023

منذ 2 سنه
معقد ميزان المدفوعات وقراءته تحتاج لخيير اقتصادي واحصائي ومالي ورياضي
2
16
3171

متفائم

منذ 2 سنه

لو تم توضيحه بالرسومات و الصور

3
1
18

Economist_KSA

منذ 2 سنه

خذها قاعدة، إذا رأيت شخص يدعي بأنه اقتصادي ولا يفهم مكونات ميزان المدفوعات وعلاقاته بالقطاعات المالية والاقتصادية فنصيحه لوجه الله لا تأخذ برأيه و لاتضيع وقتك بمناقشته. 

4
96
2315

أقتصاد اليوم

منذ 2 سنه

ميزان المدفوعات باختصار عبارة عن إيرادات ومصروفات اذا الايرادات اكبر او اكثر من المصروفات وضعك كويس واذا مصروفاتك اكبر من دخلك وضعك راح يكون صعب باختصار نضرب لك مثلا  هنا انت موظف وراتبك ١٥ الف ريال مصاريفك الشهرية ١٣ الف ريال في هذه الحالة وضعك كويس لاكن لو حصل العكس راتبك ١٥ الف ريال ومصاريفك الشهرية  ١٧ الف ريال كذا وضعك مزري ليس أمامك الا الاستدانه لتغطية عجز المدفوعات اللي هي ٢٠٠٠ ريال مع  استمرار العجز راح ترتفع عليك الديون وفي النهاية تعلن افلاسك 

5
0
270

Mo7eb

منذ 2 سنه
الاقتصاديين الاوليين يقولون مد رجولك على قد لحافك .. ولا تسرف لو من البحر تغرف .. ورحم الله من عرف قدر نفسه .. ومن تدين بات مهموم .. ومن صرف درهمه في غير وقت حاجته ما لقاه وقت الحاجة .. واضبط نفسك ينضبط مصروفك .. وبعدها اذا التزمت بما مورد سابقا .. اصرف ما في الجيب ولا تشيل هم
6
7
789

Al tamimi12

منذ 2 سنه

باختصار شديد ليس هناك دولة في العالم ليست مدينة او لا تقترض من الخارج لكن الفرق بين الدولة الفاشلة ماليا والناجحة هو سيطرتها على هذه المديونية وتسديد متطلباتها في اوقاتها وبالتالي عدم تراكم هذه المديونية حتى الغرق والعياذ بالله...

7
0
14

fathot

منذ 2 سنه

طبب اجن السعوديه كيف اموارنا

8
82
3628

خالد المهوّس

منذ 2 سنه
رداً على   fathot

امورنا سالكه مادام مدخرات المواطنين الى الان موجودة بالرغم من تناقصها المستمر و ذهابها الى جيوب التجار و مقدمي الخدمات و التي تسببت بها القرارات الاقتصادية ، اذا خلصت هذه المدخرات فيه كلام ثاني

loader Train
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.