من وجهة نظرك .. هل يخفض الفيدرالي الفائدة اليوم استجابة لضغوط ترامب؟

بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه الأول لهذا العام، أمس الثلاثاء، في لحظة حاسمة ونقطة تحول رئيسية محتملة لمساره بعد أشهر قليلة فقط من بدء دورة التخفيف النقدي، حيث يجد صناع السياسة أنفسهم أمام خطر تجدد الضغوط التضخمية، والقلق من الصدام مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

لكن لماذا يكتسب هذا الاجتماع بالذات أهمية كبيرة؟ وما القرارات والإشارات المناسبة التي قد يفرزها؟

من يتحذ القرار؟

 عندما نتحدث عن اجتماع الفيدرالي، فالمقصود هنا هو اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المكونة من 12 عضوًا يحددون السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

- تجتمع اللجنة 8 مرات في العام، وتحدد الموقف المناسب للسياسة النقدية، وتقيم المخاطر التي تهدد أهدافها طويلة الأجل المتمثلة في استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي المستدام.

- تتكون اللجنة من الأعضاء السبعة في مجلس المحافظين، بالإضافة إلى رئيس بنك الاحتياطي في نيويورك، و4 من رؤساء بنوك الاحتياطي الإقليمية الـ 11 الأخرى، الذين يخدمون لمدة عام واحد بالتناوب.

مشهد عام معقد

خفض الفيدرالي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، وكان هذا الإجراء الأول من نوعه منذ 4 سنوات، وأنهى به دورة تشديد بدأت في مارس 2022.

- توقع الفيدرالي آنذاك خفضًا إضافيًا بمقدار 50 نقطة أساس بحلول نهاية 2024، وآخر بمقدار 100 نقطة على مدار عام 2025.

- خفض بالفعل الفائدة بمقدار 50 نقطة خلال الاجتماعين الأخيرين في العام الماضي، لكنه تراجع عن توقعات عام 2025، وأشار إلى خفض محتمل قدره 50 نقطة أساس فقط.

التضخم العنيد

خلال اجتماعهم الأخير في ديسمبر، قال أعضاء اللجنة الفيدرالية في بيانهم، إن النشاط الاقتصادي يواصل النمو بوتيرة ثابتة، مع تحسن ظروف سوق العمل، ورغم التقدم في كبح التضخم وإعادته إلى الهدف عند 2%، فإنه "لا يزال مرتفعًا إلى حد ما".

تحول في النهج

عقب اجتماع ديسمبر، قال رئيس الفيدرالي "جيروم باول"، إن اللجنة ستصبح أكثر حذرًا في خطواتها القادمة، مشيرًا إلى اعتماد أي قرار لخفض الفائدة في المستقبل على البيانات الواردة.

ماذا تقول البيانات؟

أظهرت أحدث بيانات لمقياس التضخم المفضل للفيدرالي (مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي)، ارتفاع الأسعار بنسبة 2.8% في نوفمبر، على أساس سنوي، وهي نفس وتيرة الزيادة المسجلة في أكتوبر.

- يشير أيضًا أحدث مسح لمجلس المؤتمرات، إلى انخفاض مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي في يناير إلى 104.1 نقطة، من 109.5 نقطة في ديسمبر، وسط توقعات الأمريكيين بارتفاع التضخم مجددًا.

صدام مع البيت الأبيض

مع فوز "دونالد ترامب" برئاسة الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، أثيرت تكهنات بأنه سيصطدم مع "باول" وربما يسعى لإقالته، بعد انتقاده له لعدم تخفيف السياسة النقدية "بما يكفي" خلال ولايته الأولى.

- ردًا على التكهنات، قال "باول" عقب الانتخابات الرئاسية، إنه لن يستقيل إذا طلب منه "ترامب" ذلك لأنه "لا يمتلك سلطة إقالته"، وكشفت تقارير صحفية عن استعانة الفيدرالي بفريق قانوني للاستعداد للسيناريوهات المحتملة في هذا الشأن.

ماذا يقول ترامب؟

بدت لهجة الرئيس الأمريكي أقل حدة بعد الفوز بالانتخابات، لكنه لا يزال يرى أن من حقه التعليق على "ما إذا كان ينبغي رفع أو خفض الفائدة"، وقال بعد حفل تنصيبه الأسبوع الماضي، إنه سيطلب خفض الفائدة.

الأسواق تترقب

إلى جانب القرار المتعلق بسعر الفائدة، تتابع الأسواق عن كثب تعليقات "باول" عقب انتهاء اجتماع اليوم، حيث يتوقع محللون أن يرد على طلب "ترامب" وأن يدافع بقوة عن "استقلال البنك المركزي".

ماذا عن القرار؟

تشير أداة "فيد ووتش" إلى احتمال يتجاوز 97% لتثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماع اليوم، وهو ما يتوافق مع توقعات المحللين التي تشير إلى ترك تكاليف الاقتراض دون تغيير بعد نحو 4 أشهر من بدء دورة التخفيف النقدي.

خلاف عميق

إلى جانب تعليقات "ترامب" العلنية على سياسة الفيدرالي، يخشى محللون أن نهج الرئيس الأمريكي المتعلق بالإنفاق وفرض التعريفات الجمركية، سيشكل ضغوطًا تضخمية إضافية، ما قد يعني عقبات إضافية في طرق خفض الفائدة.

- مع ذلك، من المتوقع أن يتهرب "باول" من الإجابة على الأسئلة بشأن التعريفات الجمركية وسياسة "ترامب"، كونها لا تزال غامضة حتى الآن.

القرار ليس سهلًا

يقول الخبير الاقتصادي "محمد العريان" إن الفيدرالي سيجد نفسه في 2025 أمام خيارين أفضلهما صعب، حيث يتوجب عليه إما القبول ببقاء التضخم مرتفعًا فوق الهدف، أو محاولة خفضه والمخاطرة بدفع الاقتصاد إلى الركود.

ماذا تختار؟

الآن، تخيل أنك أحد أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، ومع أخذ المخاطر في الاعتبار، بما في ذلك الصدام المحتمل مع البيت الأبيض، وارتفاع التضخم، وركود الاقتصاد، حدد قرارك بشأن:

- الإجراء المناسب لأسعار الفائدة في اجتماع اليوم؟ (الخفض- الثبيت- الرفع)

- الرد المناسب للفيدرالي بشأن دعوة "ترامب" إلى خفض الفائدة فورًا؟

المصادر: أرقام- الاحتياطي الفيدرالي- مكتب التحليلات الاقتصادية- ماركت ووتش- سي إن بي سي- أسوشيتيد برس