ما الفرص الذهبية التي يوفرها الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا للمتقاعدين حول العالم؟

مع تقدم المتقاعدين في العمر، تزداد تحدياتهم الصحية والاجتماعية وأحيانًا المالية؛ وقد يمثل التطور التكنولوجي والاقتصاد الرقمي دعامة قوية تُتيح لهم تجاوز هذه الصعوبات ويفتح أمامهم آفاقًا جديدة.

وأحدثت التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي تحولًا في جميع جوانب الحياة، كما قدمت الابتكارات المعتمدة على هذين العنصرين حياة أفضل للمتقاعدين، لمواجهة صعوبات مثل ضعف الحركة، والعزلة الاجتماعية، ومحدودية الدخل.

وفي ظل التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، أصبح لدى المتقاعدين مزايا إضافية تضمن حفاظهم على استقلاليتهم، وتمنحهم قدرة أفضل على تخطي العديد من التحديات مع تقدمهم في العمر.

تعزيز الأمان المالي والاستقلالية

تقدم حلول التكنولوجيا المالية والتطبيقات المصرفية الرقمية خيارات متعددة للمتقاعدين تجعلهم قادرين على إدارة أموالهم بسهولة من منازلهم مثل دفع الفواتير تلقائيًا، وأدوات التخطيط المالي، والمعاملات الإلكترونية الآمنة، ما يقلل الحاجة للذهاب إلى البنك شخصيًا.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

كما تتيح المنصات الرقمية للمتقاعدين الوصول إلى استثمارات منخفضة التكلفة وخدمات التخطيط المالي عبر الإنترنت، والاستفادة من المستشارين الآليين ومنصات التداول الإلكترونية لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن أموال تقاعدهم، ويزيد من أمانهم المالي.

ونستعرض سريعا بعض الأمثلة التفصيلية التي توضح كيفية استفادة المتقاعدين من المنصات الرقمية في مجال الاستثمارات والتخطيط المالي:

منصة فانجارد

تتيح منصة فانجارد للمتقاعدين الوصول إلى صناديق الاستثمار المتداولة، وصناديق المؤشرات التي تتميز برسوم إدارية منخفضة، حيث يستطيع المتقاعد استثمار مبالغ صغيرة في هذه الصناديق لتكوين محفظة متنوعة دون الحاجة لتحمل تكاليف عالية تؤثر على العوائد.

منصتا ويلثفرونت وبيترمينت

تستخدم هذه المنصات تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء محفظة استثمارية مخصصة بناءً على الأهداف المالية، ومستوى المخاطرة، والجدول الزمني للمتقاعد.

وبموجب تلك المنصات، لدى المتقاعد إمكانية إدخال بيانات مثل الدخل المطلوب للتقاعد ومستوى المخاطرة المقبول، فتولد المنصة توصيات استثمارية تتضمن تنويع المحفظة وإعادة توازنها تلقائيًا لضمان الاستفادة القصوى من العوائد وتقليل المخاطر.

كما توفر خدمة بيرسونال كابيتال أدوات رقمية متكاملة لإدارة الشؤون المالية، مثل تتبع النفقات وتحليل الاستثمارات والتخطيط للتقاعد.

ويمكن للمتقاعدين ربط حساباتهم المصرفية والاستثمارية معًا، ومتابعة أدائهم المالي بشكل مستمر، واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على تحليلات دقيقة للبيانات.

أما منصات التداول الإلكترونية مثل إيه تريد وتي دي أميريتريد، فيصل المتقاعدون من خلالها إلى بيانات السوق الحية والأدوات التحليلية التي تساعدهم على اتخاذ قرارات استثمارية إيجابية.

على سبيل المثال، يتابع المتقاعد تحركات الأسهم وتنفيذ عمليات البيع والشراء عبر واجهات استخدام مبسطة، مما يقلل من الحاجة إلى شركات الوساطة التقليدية ويوفر تكاليف التداول.

أما تطبيق روبن هود فيوفر إمكانية التداول بدون عمولات، ويسمح للمتقاعدين الذين يمتلكون محافظ استثمارية صغيرة بالاستفادة من عمليات التداول المتعددة دون تكبد تكاليف إضافية، ويحسن العوائد ويعزز من القدرة على تنويع المحفظة دون ضغوط مالية كبيرة.

هذه الأمثلة تعكس المساحة المتاحة للمتقاعدين من أجل الوصول إلى استثمارات منخفضة التكلفة، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتخطيط المالي الرقمي لاتخاذ قرارات مالية ذكية، بما يسهم في تعزيز أمانهم المالي واستقلاليتهم خلال فترة التقاعد.

منع الاحتيال والأمان المالي
ومن بين المزايا التي يوفرها الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا، تعزيز إجراءات الأمن السيبراني المتطورة التي تحمي المتقاعدين من الاحتيال المالي، وتضمن استخدامهم للأدوات الرقمية بثقة وأمان.

ومن بين إجراءات الأمن السيبراني، هناك خدمات تشفير البيانات وحماية المعلومات الشخصية، والتي تعتمد عليها المؤسسات المالية وتطبيقات الخدمات الرقمية، لحماية البيانات أثناء نقلها وتخزينها، بهدف تقليل القدرة على اعتراض المعلومات وعمليات الاحتيال.

ومن بين أشهر آليات التشفير التي تسهم في بقاء المعاملات المالية آمنة -خاصةً عند إجراء عمليات تحويل الأموال أو إدارة الحسابات الإلكترونية- عملية التوثيق الثنائي حيث يُطلب من المستخدمين إدخال رمز مؤقت يُرسل إلى هواتفهم المحمولة بالإضافة إلى كلمة المرور.

هذا الإجراء يقلل من مخاطر سرقة الهوية ويسهم في حماية الحسابات من الاختراقات غير المصرح بها، وهو ما يمنح المتقاعدين الثقة في استخدام الخدمات الرقمية.

كما تستخدم المؤسسات المالية تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوكيات المعاملات واكتشاف الأنشطة غير المعتادة بشكل فوري.

وتُرسل أيضًا تنبيهات فورية إلى المستخدمين عند رصد نشاط مشبوه، ما يسمح لهم باتخاذ الإجراءات الوقائية بسرعة وتلافي الاحتيال المالي.

وتُمكن التكنولوجيا الشركات والمؤسسات من تحديث أنظمتها الأمنية بانتظام لمواجهة أحدث أساليب الهجمات الإلكترونية حيث تساعد هذه التحديثات في سد الثغرات الأمنية، وتحافظ على مستوى عالٍ من الحماية ويضمن سلامة بيانات المتقاعدين.

ومن خلال العديد من المنصات الرقمية يستطيع المتقاعدون أيضًا الحصول على برامج تدريبية ومبادرات توعوية لتعزيز الوعي الأمني لدى المستخدمين.

كما يُمكنهم تعلم أفضل الممارسات لتأمين حساباتهم، مثل كيفية اختيار كلمات المرور القوية والتعرف على رسائل البريد الإلكتروني المضللة، الأمر الذي يعزز قدرتهم على حماية أنفسهم من الاحتيال.

إمكانية العمل والتعليم

توفر منصات العمل عن بُعد فرصًا للمتقاعدين لمواصلة النشاط المهني دون الحاجة للتنقل أو الالتزام بجدول عمل شاق، ويتناسب مع أسلوب حياتهم واحتياجاتهم.

على سبيل المثال تمنح منصات العمل عن بُعد المتقاعدين إمكانية اختيار أوقات العمل التي تتماشى مع روتينهم اليومي وصحتهم، وتعطيهم مرونة تنظيم وقتهم بين الأنشطة المهنية والنشاطات الأخرى.

وغالبًا ما يمتلك المتقاعدون خبرات طويلة في مجالات عملهم، تسمح لهم بتقديم استشارات أو خدمات احترافية عبر الإنترنت، ويساهم في نقل المعرفة والخبرة للأجيال الشابة.

وإضافة إلى التعليم والعمل هناك منصات التطوع الرقمية التي تجعل لدى المتقاعدين فرصة للمشاركة في مبادرات ومشاريع اجتماعية وخيرية عن بُعد، وتساعدهم على الشعور بأنهم جزء من المجتمع والمساهمة في تحسينه دون الحاجة لمغادرة منازلهم.

وأيضًا تسمح المنصات عن بُعد للمتقاعدين بالانخراط في أعمال حرة مثل الترجمة، الكتابة، أو تقديم الدورات التدريبية عبر الإنترنت، وهو ما يوفر لهم مصدر دخل إضافي ويعزز من شعورهم بالاستقلالية والإنجاز.

بشكل عام، يسهم كل هذا في تحسين جودة حياة المتقاعدين من خلال تمكينهم من البقاء نشطين ومشاركين اقتصاديًا واجتماعيًا، ويعزز من شعورهم بالقيمة الذاتية والاستقلالية في عصر الاقتصاد الرقمي.

الأمر لا يقتصر عند حد توفير خيارات العمل، بل هناك منصات ودورات عبر الإنترنت تعلم المتقاعدين مهارات جديدة أو تعميق معرفتهم في مجالات محددة.

ومع انتشار خدمات البث الحي والفعاليات الافتراضية والدورات التعليمية عبر الإنترنت، يمكن للمتقاعدين الاستمرار في ممارسة هواياتهم والتعلم والمشاركة في الأنشطة الثقافية من منازلهم.

تحسين الرعاية الصحية

تتيح منصات العلاج عن بُعد للمتقاعدين استشارة الأطباء دون الحاجة للسفر، ما يقلل تعرضهم للأمراض المعدية، وهو أمر بالغ الأهمية خاصة لأولئك الذين يعانون أمراضا مزمنة أو مشاكل في الحركة.

كما تتيح الأجهزة القابلة للارتداء وأنظمة المراقبة المنزلية تتبع العلامات الحيوية مثل معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ومستويات السكر في الدم، وإرسال تنبيهات للممرضين أو الأطباء عند ظهور أي خلل.

وتساعد تحليلات البيانات المتقدمة والذكاء الاصطناعي في إنشاء خطط علاج شخصية والتنبؤ بالمشكلات الصحية المحتملة، بما يحقق إدارة أفضل للرعاية الصحية الخاصة بهم.

ويعكس ما سبق مدى قدرة التقنيات الرقمية والاقتصاد الرقمي على تحسين جودة حياة المتقاعدين بشكل كبير.

ومع ذلك، من الضروري ضمان وصول هذه الأدوات الرقمية إلى كبار السن بطريقة آمنة ومناسبة لاحتياجاتهم الخاصة لخلق بيئة داعمة يستفيد فيها المتقاعدون من تسارع تطور العصر الرقمي.

المصادر: أرقام- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- المعهد الوطني للمعايير والتقنية- جارتنر ريسرش- البنك الدولي- منظمة العمل الدولية- فوربس- فانجارد- منظمة الصحة الدولية