أثارت كلمات المليادير الأميركي إيلون ماسك بأنه إذا أوقف خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية ستارلينك عن أوكرانيا فإن خطة المواجهة الأوكرانيا بأكملها ستنهار قلقاً في المؤسسات الأمنية الأوروبية.

 

وكانت الحكومات الأوروبية متوترة بالفعل إزاء نبرة إدارة ترامب المُزدري لحلفاء الولايات المتحدة التقليديين، والضغط على أوكرانيا والسعي إلى التقارب مع روسيا، وتسعى معظم دول القارة إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، بما في ذلك شركات مستشاره إيلون ماسك.

 

وتعد شبكة ستارلينك، المملوكة لشركة سبيس إكس التي يملكها ماسك، ضرورية للجنود الأوكرانيين، الذين اعتمدوا على محطاتها للاتصالات والتحكم في الطائرات دون طيار وتنسيق المدفعية منذ غزو روسيا في عام 2022، لكن هيمنة ستارلينك سلّطت الضوء على مخاطر الاعتماد على شركة أميركية واحدة ومالكها غير المتوقع.

 

شركة أوروبية تُنافس ستارلينك 

 

وتريد السلطات الأوروبية الآن من شركة يوتلسات، الشركة الصغيرة في مجال الأقمار الصناعية ومقرها بالقرب من باريس، توفير نسخة احتياطية لشبكة ستارلينك في أوكرانيا في أسرع وقتٍ ممكن، عبر خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية «OneWeb».

 

وعلى المدى الأبعد، فإنهم يعتمدون على يوتلسات للمساعدة في بناء شبكة اتصالات فضائية من شأنها أن تجعل القارة أكثر استقلالية، لكن هناك شكوكاً بشأن قدرة يوتلسات على المنافسة مع ستارلينك في أي وقت قريب.

 

وقال خبير صناعة الأقمار الصناعية في شركة أناليسيس ماسون الاستشارية، كريستوفر باو، «لا يُعدّ وان ويب OneWeb بديلاً مناسباً لشبكة ستارلينك Starlink بأي شكل من الأشكال، لأن إطلاق العديد من الأقمار الصناعية لا يتم بين عشية وضحاها».

 

وأضاف «ترغب يوتلسات في زيادة سعتها، لكن السؤال هو: ما مدى سرعة ذلك، ومن سيتحمل التكلفة؟، لكن يصبُ التحول الجيوسياسي الكبير منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في مصلحة الشركة».

 

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة يوتلسات، إيفا بيرنيكي، إنه بعد الأحداث الأخيرة من انتقاد نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس للديمقراطيان الأوروبية في مؤتمر أمني في موينخ، ثم المشادة بين الرئيس ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي، وقطعت واشنطن مؤقتاً المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك الوصول إلى صور الأقمار الصناعية عالية الدقة من شركة ماكسار تكنولوجيز، وهو مورد حيوي في ساحة المعركة للمدافعين عن أوكرانيا، أثار هذا القلق في أوروبا.

 

وعلى الرغم من أن شركة ستارلينك لم تجمد خدماتها في أوكرانيا، فإن الأوروبيين كانوا قلقين بشأن الثغرة المحتملة، لافتة إلى أن المسؤولون الأوروبيون تواصلوا معها لمعرفة ما يمكن أن تقدمه يوتلسات في أوكرانيا، ومدى سرعتها، لافتة إلى أنها وجدت 5000 جهاز «OneWeb» يمكن إرسالها إلى أوكرانيا في غضون أسابيع، ويمكن إرسال 5000 جهاز آخر في غضون عام، مشيرة إلى أنها تنتظرالآن الضوء الأخضر من الاتحاد الأوروبي لنشر هذه الأجهزة.

 

وأضاف بيرنيكي «إذا تمكنت من الحصول على ما بين 5 آلاف و10 آلاف محطة هناك، فسيكون ذلك خياراً احتياطياً حقيقياً».

 

ويوجد حالياً نحو 1000 جهاز (OneWeb) في أوكرانيا، وهي أضخم من أطباق ستارلينك وأكثر تكلفة، حيث يبدأ سعر أجهزة ستارلينك للمستخدمين من أقل من 400 دولار، بينما يبدأ سعر أجهزة OneWeb من 3200 دولار.

 

ومن أجل المنافسة الحقيقية مع ستارلينك، من المرجح أن تحتاج شركة يوتلسات إلى مليارات الدولارات من التمويل من أكبر ثلاثة مساهمين: الحكومتين الفرنسية والبريطانية وتكتل يسيطر عليه الملياردير الهندي سونيل بهارتي ميتال.

 

زيادة المنافسة في الأقمار الصناعية 

 

وتشتد المنافسة في قطاع الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، إذ تُجهّز أمازون شبكة أقمار صناعية تُسم~ى «مشروع كويبر»، بينما تُطلق الصين شبكتها الخاصة.

 

وحتى إن المخاوف بشأن موثوقية ماسك هددت مساعي ستارلينك للفوز بعقد حكومي إيطالي لتوفير اتصالات آمنة، على الرغم من أن رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية، جورجيا ميلوني، صديقة ماسك التي تربطها علاقات وطيدة بإدارة ترامب، تميل إلى ستارلينك، لكن رد الفعل الأوروبي العنيف ضد ماسك أرجأ اتخاذ القرار، بينما قالت روما إنها تدرس ستارلينك إلى جانب بدائل أخرى، بما في ذلك يوتلسات.

 

وأسست الحكومات الأوروبية شركة يوتلسات عام 1977 بهدف تطوير وإطلاق الأقمار الصناعية بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، ولعقود، كان العمل الرئيسي للشركة هو تشغيل أقمار صناعية على ارتفاع 22 ألف ميل فوق سطح الأرض، تتحرك بتزامن مع دورانها، حيث يبث كل قمر صناعي بثاً مستمراً إلى منطقة ثابتة، وكانت محطات التلفزيون حول العالم هي العملاء الرئيسيون.

 

وفي عام 2021، اشترت شركة يوتلسات حصة 24 في المئة في شركة «ون ويب»، وهي شركة بريطانية تمتلك شبكة من الأقمار الصناعية التي سافرت إلى أماكن أقرب إلى الأرض، مثل شبكة ستارلينك.

 

ولكن تكلفة بناء شبكات المدارات المنخفضة أعلى نظراً للحاجة إلى عدد أكبر بكثير من الأقمار الصناعية لتغطية جميع أنحاء العالم. ميزتها هي أن الإشارات تستغرق وقتًا أقل بكثير للانتقال من وإلى سطح الأرض، ما يسمح باتصالات شبه آنية.

 

ويأمل الاتحاد الأوروبي وفرنسا أن تتمكن شركة يوتلسات من إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية لخدمة ون ويب إلى الفضاء بسرعة، لكن الشركة تحتاج إلى 4 مليارات يورو، لتجديد وتوسيع أسطولها من الأقمار الصناعية.

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.