طفرة اكتتابات الهند تصنع 7 مليارديرات في 2024

كان 2024 عاماً رائعاً للاكتتابات العامة الأولية في الهند، شهد انضمام سبعة رواد أعمال إلى نادي المليارديرات بالدولار، وكان العديد منهم  من بين الأوائل الذين دخلوا قطاع الطاقة المتجددة المزدهر في البلاد. 

كان تشيرنجييف سينغ سالوجا من شركة "بريميير إنرجيز" (Premier Energies) من بين أولئك الذين استفادوا بشكل كبير من النمو الكبير في القطاع، مما جعله من بين المليارديرات الجدد في الهند. قال سالوجا البالغ من العمر 51 عاماً، في مقابلة: "كان والدي يعمل في تجارة توريد المضخات اليدوية للقرى الريفية، ولاحظ قلة توفر الكهرباء في تلك المناطق، لذا قرر تأسيس شركة (بريميير سولار) في عام 1995".

بعد ثلاثة عقود، أصبحت الشركة التي تم تغيير اسمها إلى "بريميير إنرجيز"، ثاني أكبر شركة تصنع الوحدات الشمسية والخلايا الشمسية بشكل متكامل في البلاد بعد "أداني غروب". 

قام المستثمرون الذين يتوقعون نمواً كبيراً في قطاع الطاقة الشمسية بفضل استثمارات الحكومة برفع أسهم "بريميير" تقريباً ثلاثة أضعاف منذ طرحها للتداول في سبتمبر، مما أدى إلى زيادة قيمتها السوقية إلى حوالي 7 مليارات دولار . 

يُعد سالوجا أحد رواد الأعمال الأربعة في مجال الطاقة المتجددة، الذين ارتفعت ثرواتهم الشخصية بعد إدراج أسهم شركاتهم في البورصات العام الماضي. وكان الآخرون هم هايتيك سي دوشي مؤسس  "وايري غروب" (Waaree Group)، التي تصنع أيضاً وحدات الطاقة الشمسية، وبافيش أغاروال من شركة صناعة السيارات الكهربائية "أولا إلكتريك موبيليتي" (Ola Electric Mobility) ومانوج كيه أوباديايا من شركة مولدات الطاقة الشمسية "أكمي سولار هولدينغز" (Acme Solar Holdings). 

تبدو آفاق شركات الطاقة الشمسية مشرقة، حيث تسعى الهند لإضافة 100 غيغاواط أخرى في مجال الطاقة الشمسية خلال السنوات الأربع المقبلة، حسب تقرير أصدرته "فروست آند ساليفان" (Frost & Sullivan). لكن سالوجا قال إن هذا التوجه قد يكون سلاحاً ذا حدين. ويتوقع سالوجا زيادة كبيرة في مجال تصنيع الخلايا والوحدات الشمسية خلال الـ18 إلى 24 شهراً القادمة. 

وقال: "من المؤكد أن القطاع سيشهد عمليات اندماج، إذ يتعين على الشركات أن تكبر وتزيد قدرتها الإنتاجية لتظل قادرة على المنافسة والبقاء في السوق". 

قد يحدث نفس الاتجاه في سوق الأسهم الهندية، التي شهدت أداءً قوياً في عام 2024، كما شهدت الاكتتابات العامة الأولية جمع أموال قياسية بقيمة 1.66 تريليون روبية (19.82 مليار دولار)، مقابل 650 مليار روبية في عام 2023. جاء ذلك مدفوعاً بزيادة بنسبة 27% في عدد المستثمرين الفريدين (أي الأفراد أو الكيانات التي لديها حسابات استثمارية مستقلة) في البورصة الرئيسية ليصل إلى 109 ملايين عميل. 

تخطط نحو 85 شركة للإدراج في البورصات خلال عام 2025، وتستهدف مجتمعة جمع 1.53 تريليون روبية (18 مليار دولار)، حسب بيانات "برايم داتابيز" (Prime Database).

في الوقت ذاته، فإن الشركات التي تخطط لإدراج أسهمها في البورصات الهندية ستواجه مجموعة من التحديات تشمل تباطؤ نمو الاقتصاد وضعف أرباح الشركات والتقلبات في قيمة العملة (الروبية)، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي بالإضافة إلى سياسات التعريفات الجمركية التي يهدد بفرضها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. 

يتوقع كونال رامبيا، مدير استثمار ورئيس استراتيجيات التداول في "ذا ستريتس" (The Streets)، وهو صندوق استثمار ومقره مومباي يتبع استراتيجيات شراء الأسهم التي يتوقع زيادة أسعارها وبيع الأخرى التي يتوقع تراجعها، أن تؤدي التوترات العالمية المتصاعدة والتهديدات المتعلقة بالتعريفات الجمركية إلى حدوث تصحيح عميق (تراجع كبير) في السوق هذا العام.

قال: "نشاط الاكتتابات العامة الأولية سيتواصل في النصف الأول من عام 2025، لكن قد يتباطأ خلال النصف الثاني. الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا قد تواجه صعوبة في الإدراج، خاصة في النصف الثاني، بسبب احتمال تراجع السيولة في السوق". 

يظل بعض الأشخاص متفائلين بشأن آفاق السوق، بفضل قوة واستمرار تدفقات الأموال من جانب المستثمرين المحليين إلى الأسهم. 

قال هيمانشو كوهلي، المؤسس المشارك لشركة "كلينت أسوشيتس" (Client Associates)، وهي مكتب عائلي متعدد، وتقدم استشارات خاصة في مجال الإدارة وتدير أكثر من 6 مليارات دولار من الأصول: "لم تعد سوق الاكتتاب العام الأولي الهندية تعتمد على المستثمرين الأجانب، إذ يمتلك المستثمرون المحليون والمؤسسات المحلية أموالاً كافية". 

قال كوهلي: "ضخت شركات الأسهم الخاصة والمكاتب العائلية مبالغ ضخمة من الأموال في الأسهم غير المدرجة والشركات التي تخطط للاكتتاب العام في المستقبل القريب خلال العام الماضي بناءً على توقعات بوجود فرص ربحية كبيرة عند إتمام الشركات الاكتتابات العام خلال عام 2025". 

من شأن ذلك أن يشجع الشركات التي تستعد للاكتتاب العام الأولي، إذ من المرجح أن تهيمن الشركات العاملة في مجالات الخدمات المالية وتصنيع الإلكترونيات وتوليد الكهرباء والبرمجيات على قائمة الاكتتابات العامة الأولية المرتقبة. 

تشمل الشركات المتوقع أن تقدم طلبات الإدراج هذا العام "زيبتو" (Zepto) المتجر الإلكتروني المدعوم من "نكسس فينتشر بارتنرز" (Nexus Venture Partners)، و"فليب كارت إنديا" (Flipkart India) العملاقة في التجارة الإلكترونية المدعومة من "وولمارت"، وشركة "باي يو" (PayU) لخدمات الدفع المملوكة لـ"بروسس إن في" (Prosus NV) ومنافستها "باين لابز" (Pine Labs)  المدعومة من "بيك إكس في بارتنرز" (Peak XV Partners). 

يُتوقع أن تقوم شركة "ريلاينس إندستريز" التابعة للمملوكة للملياردير موكيش أمباني، بفصل أعمالها في قطاع التجزئة وكيانها في مجال الاتصالات إلى شركتين مستقلتين مدرجتين في البورصة.

خلال مدى السنوات الثلاث الماضية، هيمنت على أسواق الاكتتابات العامة الأولية في الهند موجة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، حيث جمعت 90% منها أقل من 100 مليون دولار، حسب بيانات جمعتها "بلومبرغ". 

في حين قد يشهد عام 2025 إدراج بعض الشركات الكبرى المعروفة لأسهمها، فإن رواد الأعمال العاديين في جميع أنحاء الهند لا يريدون إهدار فرصة الازدهار في سوق الاكتتابات العامة.

قال فيشنو أغاروال، الرئيس التنفيذي لشركة "ستوك نوكس" (Stock Knocks)، وهي شركة أبحاث استثمارية مقرها كولكاتا: "أدرك المؤسسون أن امتلاك 75% من شركة بقيمة 100 مليون دولار مدرجة في البورصة أفضل من امتلاك 100% من شركة بقيمة 10 ملايين دولار". و"سوف يشهد العام الجديد موجة كبيرة في عدد الصفقات إذ يتطلع المؤسسون بشغف إلى تحقيق النمو".